مرض السكري وعلاقته بالسلس البولي

مقدمة

يعتبر مرض السكري أحد أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا في وقتنا الحالي، مما يجعل له تأثيرًا جوهريًا على حياة الكثير من الناس. وتمتد مضاعفات مرض السكري لتضم مشاكل أكبر من ارتفاع نسبة السكر في الدم، فهذا المرض له تأثيرًا كبيرًا على كلٍ من القلب والأوعية الدموية، كما في ذلك صحة الكلى والعيون والأعصاب. ومن المشاكل الأكثر شيوعًا الناتجة عن مرض السكري هي مشكلة السلس البولي أو ما يمكن تعريفه بفقدان سيطرة لاإرادي على المثانة.

ولا تزال مشكلة السلس البولي مشكلة حساسة وتشعر المصابين بها بالخجل، ولكن فهم العلاقة بين مرض السكري والسلس البولي يعد خطوة أساسية من أجل حياة أفضل، حيث أن معرفة العلاقة بين المرضين تمكن المرضى ومقدمي الرعاية من تقليل مشاعر الإحراج والعزلة وخاصةً بين كبار السن.

يتناول هذا المقال العلاقة بين مرض السكري والسلس البولي من أجل مساعدة المرضى على فهم حالتهم الطبية بدقة مما يجعل التعامل معها أكثر سهولة وفاعلية.

مرض السكري وأنواعه

مرض السكري هو داء مزمن يؤثر على طريقة استقبال خلايا الجسم لهرمون الأنسولين، ففي جسد شخص غير المصاب بمرض السكري يفرز عضو البنكرياس - وهو أحد أعضاء الجهاز الهضمي - هرمون الأنسولين والذي يكسر خلايا الجلوكوز أو السكر في الجسم، مما يسهل دخوله إلى خلايا الجسم كمصدر أساسي للطاقة. في حالة الإصابة بمرض السكري فالجسم يصبح غير قادرًا على إفراز كميات كافية من هرمون الأنسولين أو أنه يصبح غير قادرًا على استخدام الأنسولين بشكلٍ فعال. في كلتا الحالتين يتراكم السكر في مجرى الدم مما يؤدي إلى مجموعة من المضاعفات التي تؤثر بشدة على حياة الإنسان.

أنواع مرض السكري

يوجد مجموعة كبيرة من أنواع مرض السكري، ولكن أبرزها:

السكري من النوع الأول:

  • يعتبر حالة من أمراض المناعة حيث يهاجم الجهاز المناعي الأنسولين ويمنعه من الدخول إلى خلايا الجسم
  • عادة ما يتم تشخيصه في مرحلة الطفولة أو المراهقة، ولكن يمكن أن يصاب به الإنسان في أي عمر
  • يحتاج الأشخاص المصابين به إلى حقن الأنسولين يوميًا أو يمكنهم استخدام مضخة الأنسولين

السكري من النوع الثاني:

  • النوع الأكثر شيوعًا من مرض السكري وغالبًا ما يرتبط بعوامل نمط الحياة أو عوامل وراثية أو السمنة
  • في هذه الحالة يصبح الجسم مقاومًا للأنسولين، وبمرور الوقت، قد يتوقف البنكرياس عن إنتاج كمية كافية منه
  • عادةً ما يتم تشخيصه لدى البالغين، إلا أن عدد الأطفال الذين يتم تشخيصهم به يرتفع
  • يمكن للمريض إدارة نسبة السكر في الدم من خلال اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة وتناول الأدوية عن طريق الفم وأحيانًا العلاج بالأنسولين

سكري الحمل

  • يصيب هذا النوع من السكري المرأة أثناء الحمل بسبب تداخل الهرمونات مع  قدرة الجسم في استخدام الأنسولين
  • في الأغلب ما يزول بعد الولادة، لكنه يزيد احتمالية الإصابة بالسكري من النوع الثاني في ما بعد

أعراض شائعة لمرض السكري

يعتبر التعرف على الأعراض المبكرة لمرض السكري عامل أساسي لتسهيل رحلة العلاج، ومن هذه الأعراض:

  • التبول المتكرر
  • العطش الزائد
  • الجوع الزائد
  • زيادة أو نقصان مفاجئ في الوزن
  • ضعف وإرهاق
  • رؤية ضبابيه
  • عدوى متكررة وجروح شفائها بطيء
  • تنميل أو وخز في اليدين والقدمين

آثار جانبية طويلة الأمد تؤدي إلى السلس البولي

في حالة إهمال مرض السكري يبدأ المرض في التأثير على جميع أعضاء الجسم مما يؤدي إلى السلس البولي، وهذه المشكلة قد تصيب أشخاص من مختلف الأعمار ولا تنحصر فقط على كبار السن و طريحي الفراش

  • اعتلال الأعصاب السكري

يؤثر مرض السكري على صحة الجهاز العصبي بما في ذلك الأعصاب التي تتحكم في وظائف المثانة، وقد يؤدي هذا إلى نشاط مفرط في المثانة أو صعوبة في تحديد امتلاء المثانة

  • الفشل الكلوي

ارتفاع نسبة السكر في الدم بشكل مستمر قد يؤدي إلى فشل كلوي مما يتسبب في تسرب البروتين إلى البول وأمراض كلوية مزمنة

  • ضعف في الجهاز المناعي

يضعف مرض السكري الجهاز المناعي مما يزيد احتمالية الإصابة بأمراض المسالك البولية التي تزيد من الحاجة إلى التبول بشكل متكرر

  • إفراط في إنتاج البول

تنتج الكلى نسبة عالية من البول بسبب زيادة نسبة سكر في الدم مما يسبب زيادة في الحاجة إلى التبول

  • ضعف عضلات قاع الحوض

الإجهاد بسبب التبول المتكرر يضعف عضلات قاع الحوض مما يقلل من نسبة التحكم في المثانة

  • السمنة والضغط على المثانة

يمكن أن يؤدي الضغط الزائد على البطن بسبب السمنة إلى إجهاد المثانة، مما يؤدي إلى تفاقم التسرب

  • مضاعفات أخرى

مشاكل الرؤية وصعوبة التئام الجروح وأمراض القلب والأوعية الدموية التي تصاحب مرض السكري تؤثر سلبًا على التحكم في المثانة

أنواع السلس البولي التي يتسبب بها مرض السكري

  • السلس البولي الإلحاحي

يؤدي هذا النوع من السلس البولي إلى رغبة مفاجئة في التبول يتبعها تسرب لا إرادي، وعادةً ما يكون سببه نشاطًا مفرطًا في المثانة أو خلل في الأعصاب

  • السلس البولي الإجهادي

ويؤدي هذا النوع من السلس البولي إلى تسرب البول أثناء الأنشطة التي تضغط على المثانة، مثل السعال أو العطس أو ممارسة الرياضة، وغالبًا ما يكون ناتج عن ضعف عضلات قاع الحوض أو بسبب السمنة

  • السلس البولي الفيضي

يكون هذا بسبب عدم القدرة على إفراغ المثانة بشكل كامل، وفي الأغلب يكون بسبب الاعتلال العصبي

  • السلس البولي الوظيفي

يحدث هذا النوع من السلس بسبب القيود الجسدية (مثل الاعتلال العصبي أو عدم القدرة على الحركة) التي تمنع المريض من الوصول إلى الحمام في الوقت المناسب، ولكنه لا يؤثر اطلاقًا على وظائف المثانة

إدارة السلس البولي عند مرضى السكري

لحسن الحظ، يمكن إدارة السلس البولي في حالات مرض السكري من خلال العلاج الطبي و تعديلات في نمط الحياة.

العلاج الطبي

  • يشمل التحكم في مستويات السكر في الدم، مما يقلل الإفراط في إنتاج البول وخطر الإصابة بالعدوى 
  • تعتمد الأدوية على نوع السلس البولي، يجب عليك استشارة طبيبك للأدوية الخاصة بالمثانة
  • علاج التهابات المسالك البولية أيضًا يمنع تفاقم الأعراض

تمارين قاع الحوض

  • يجب على المرضى ممارسة التمارين لتقوية عضلات قاع الحوض من خلال تمارين كيجل التي يمكنها تحسين التحكم في المثانة، خاصة في حالة سلس البول الإجهادي

تدريب المثانة

  • يمكن للمرضى أيضًا العمل على زيادة الوقت تدريجيًا بين زيارات الحمام لتدريب المثانة على الاحتفاظ بالبول لفترات أطول

الحفاظ على الوزن

  • الحفاظ على وزن صحي يقلل الضغط على المثانة ويحسن حساسية الأنسولين، مما يسيطر على مرض السكري والسلس البولي

تعديلات غذائية

  • تجنب الأطعمة والمشروبات التي تسبب تهيجًا في المثانة وتزيد من كمية البول، وتشمل هذه المواد الكافيين والكحول والمحليات الصناعية
  • اشرب كمية كافية من الماء وحافظ على رطوبة جسمك طوال اليوم

استخدام منتجات طبية

  • استخدام الفوط الصحية أو حفاضات كبار السن أو المفارش الطبية يضمن للمريض راحة قصوى وثقة تدوم

نصائح للوقاية من مرض السكري

يظل السبب وراء مرض السكري مجهولًا، ولكن هناك طرق مختلفة لتقليل خطر الإصابة به. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الحفاظ على نمط حياة صحي جسديًا ونفسيًا

التغذية

  • حافظ على نظام غذائي متوازن بتناول الحبوب الكاملة والبروتينات والدهون الصحية والفواكه والخضروات
  • لا تتناول الكثير من السكر والكربوهيدرات وذلك من خلال تقليل تناول المشروبات الغازية والحلويات والخبز الأبيض والأطعمة المقلية
  • حافظ على جدول منتظم للوجبات للحفاظ على ثبات نسبة السكر في الدم
  • تناول الأطعمة الغنية بالألياف مثل الفاصولياء والعدس والشوفان والخضروات الورقية لتحسين حساسية الأنسولين
  • حافظ على نسبة الماء في جسمك في جميع الأوقات

نشاط جسدي

  • ممارسة الرياضة بانتظام، ويمكن أن يكون ذلك من خلال المشي أو ركوب الدراجات أو السباحة
  • ابق نشيطًا: يمكنك صعود الدرج أو المشي بعد الوجبات أو الوقوف لفترات أطول من المعتاد

التحكم في الوزن

  • حافظ على وزن صحي لتقليل خطر الإصابة بمرض السكري
  • تجنب تراكم الدهون حول البطن لأنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمقاومة الأنسولين

عادات يومية

  • احصل على قسطٍ كافٍ من النوم لأن قلة النوم تزيد من نسبة مقاومة الأنسولين
  • تجنب التوتر المزمن لأنه قد يرفع نسبة السكر في الدم
  • تجنب التدخين وشرب الكحوليات

متابعة الحالة الصحية

  • اخضع لفحوصات بشكل منتظم
  • تعرف على تاريخ عائلتك المرضي لتجنب خطر التشخيص 
  • اتخذ إجراءات مبكرة إذا كنت في مرحلة ما قبل مرض السكري
  • حدد عدد زيارات منتظمة للحمام
  • اشرب الماء بانتظام 
  • توقف عن التدخين

الخاتمة

مرض السكري هو اضطراب مزمن معقد و تأثيره يمتد لأعضاء عديدة، ومن بين مضاعفاته العديدة هي مشكلة السلس البولي، الذي غالبًا ما يتم تجاهله بسبب الخجل، على الرغم من أن له تأثيرًا عميقًا على الحياة اليومية والرفاهية العاطفية والثقة الاجتماعية.

ولحسن الحظ، يمكن للمرضى تحسين جودة حياتهم بشكل كبير مع الإدارة السليمة للمرض.